‫الرئيسية‬ مراجعات كتب عن كتاب “فن الترجمة والتعريب” – كتاب مجاني للمترجمين العرب
مراجعات كتب - 05/01/2022

عن كتاب “فن الترجمة والتعريب” – كتاب مجاني للمترجمين العرب

فن الترجمة والتعريب - عبّاد ديرانية

صدر هذا الكتاب في 18 ديسمبر 2021 بعنوان “فن الترجمة والتعريب” عن “أكاديمية حسوب”، وهو منشور برخصة المشاع الإبداعي الحُرَّة، أي أنه كتاب مجاني يجوز نشره والنقل عنه بدون قيود. رابط التحميل.

قبل نحو خمس سنوات بدأتُ بكتابة مقال فيه بعض النصائح عن الترجمة، والتي كنتُ أتوق لنشرها بعد أن شاهدتُ بعضاً من الأخطاء والترجمات الركيكة تتكرَّر مئات أو آلاف المرات في منصات عديدة للترجمة العربية (مثل ويكيبيديا وأكاديمية خان وتيد وغيرها). نمت هذه المقالة شيئاً فشيئاً حتى تحوَّلت إلى مشروع مُضنٍ استغرق نحو ألف ساعة في البحث والكتابة والتحرير، وهو -فيما أظن- من الكتب النادرة التي تتخصَّص بموضوع الترجمة إلى اللغة العربية، والمُوجَّهة خصوصاً نحو المترجمين الجدد وقليلي الخبرة الراغبين بتطوير مهاراتهم في هذا المجال وفي إفادة لغتهم وثقافتهم.

⚠ كُتب هذا المقال من مؤلف الكتاب الأستاذ عبّاد ديرانية، ولا يُعتبر مراجعة له. يسعد مؤلفه بأرائكم المباشرة (اطلع على نهاية المقال).

ممَّا يُميِّز هذا الكتاب هو الزاوية التي يفتتح بها موضوع الترجمة، والتي يحاول فيها أن يعطي المترجم لمحةً عن قضية جوهرية تحكمُ مهنته وأسلوبه في العمل. إذ يُفكِّر الناس بالترجمة وكأنها أمر مُسلَّم به، فطالما أن لديك شخصاً يتقن لغتين وبحوزتك مال تدفعه لقاء خدماته فإن بإمكانك ترجمة أي نص تريد إلى أي لغة في العالم، لكن الفصل الأول من هذا الكتاب هي أنه يُشكِّك بهذا الأمر برمّته. فهو يحثّ المترجم على أن يتفكَّر بأصل مهنته؛ وهو نقل المعاني بين اللغات، وبما إن كانت هذه المهنة ممكنة بالأصل.

بعد هذه المُقدِّمة التي توضِّح طبيعة مهنة الترجمة وجانب “الفنّ” الذي يتطلَّبه العمل فيها، يتناول الكتاب -بأسلوب قصصي- تاريخ دراسة الترجمة ونقدها، بما فيه التاريخ العربي والإسلامي. إذ يُقَال الخليفة العباسي كان يُثمِّن الترجمة حتى صار يدفع للمترجمين الذين نقلوا علوم الإغريق إلى العربية “وزن كتبهم ذهباً”، ويغلب على الظن أن في هذا تهويلاً للمبلغ الذي كان -بحسب كثير من الباحثين- فضة، لكنه -في كل الأحوال- يُعبِّر عن الدعم الذي قدَّمته الدولة العباسية لواحدة من أكبر حركات الترجمة في التاريخ، والتي كانت لها مناهج اختلف فيها المترجمون العرب مثل “يوحنا بن ماسويه” و”يحيى بن البطريق”، وهذا تراث له صلة وثيقة بعمل المترجم العربي المعاصر.

غلاف فن الترجمة والتعريبلكن هؤلاء المترجمين العرب (واليونان والصينيين وجميع مترجمي العالم) شغلهم خلاف واحد كبير منذ الأزل في طريقة الترجمة، وهو الخلاف بين “الترجمة بحرفية” و”الترجمة بتصرف”. فهل الأولى بالمترجم أن يلتزم بالأمانة وينقل النص الأصليَّ حرفاً حرفاً أو كلمةً بكلمة، أم الأجدر به يتصرَّف في الكلام الأجنبي كي يغدو عربياً في أسلوبه وروحه؟ قد يظن المترجم المبتدئ أن لهذا السؤال جواباً صحيحاً وآخر خاطئاً، لكن للأكاديميين والباحثين إجابات كثيرة بهذا الخصوص، يختزلها الكتاب في شرح مُبسَّط لأهم مدارس الترجمة ووجهات نظرها.

يتناول القسم الثاني من الكتاب حيثيات ومعضلات الترجمة أو “التعريب” الفعليَّة في سياقٍ يخصّ الترجمة من اللغة الإنكليزية إلى العربية، إذ تختلف ضرورات الترجمة واعتباراتها باختلاف اللغة التي ينقل المترجم عنها. وتتدرَّج فصول الكتاب في هذا القسم بموضوعها من تعريب المفردات والكلمات المنفردة إلى الجمل ثم النصوص كاملةً، مع تطبيقٍ مستمرّ للعلوم النظرية للترجمة التي قدَّمتها الفصول الأولى. فهي تغصّ بأمثلة عملية عن طريقة التعريب الأمثل وعن ضوابطها وقواعدها العامة، وهذه النصائح معدومة بأكثر من 600 استشهاد أكاديميّ مُحكَّم في مختلف مواضع الكتاب.

أخيراً، يختتم الكتاب بفصل مُخصَّص لإرشاد المترجم الذي يبحث عن مهنة في سوق الترجمة العربي وفي البلاد العربية، إذ يُقدِّم هذا الفصل نصائح شتى في كيفية تطوير عمل المترجم وكيفية العثور على عملاء والتعامل معهم بمهنية ضمن السياق العربي خصوصاً، وهو أمر يندر أن يتناوله أي كتاب آخر بهذا الأسلوبز

يتميَّز كتاب “فن الترجمة والتعريب” عن كتب الترجمة العربية الأخرى -القليلة أصلاً- بأنه يُركِّز على عمل الترجمة في سياق اللغة العربية وعلى شتى تحدياته وطرقه، وهو موضوع قلَّما يتخصَّص فيها أي كتاب (ما عدا الاستثناء الكبير لمؤلّفات المترجم المعروف “محمد عناني”)، كما يتفرَّد بأنه يطرح مواضيعه بأسلوب مُبسَّط وقصصي، وبأنه يتناول زوايا جديدة في موضوع الترجمة العربية؛ منها معضلة نقل المعنى وآفات الترجمة على اللغة وكيفية توظيف مناهج الترجمة الأجنبية في السياق العربي، وكذلك -بالطبع- وأنه مُحرَّر بدقة وتأنٍّ شديد من متخصّصين في مجاله تفادياً لأي أخطاء.

يضيف كتاب “فن الترجمة والتعريب” عنوانًا جديدًا للمكتبة العربية ليواكب تطوّرات الترجمة الأخيرة والمتغيّرة، وليساعد المترجمين العرب على إتقان مهنتهم وتطوير مهاراتهم، وخدمة لغتهم ونهضتها الثقافية. والكتاب متاح للقراءة والانتفاع منه مجاناً اتباعاً لهدفه في خدمة اللغة العربية، وفي مساعدة من يُكرِّسون عملهم وتطوعهم ومهنتهم لخدمتها.

لو شئتَ تقديم أي ملاحظات، يتشرف الكاتب بتلقِّي رسائلك على بريده الإلكتروني  أو المراجعات على منصةغود ريدز.


أعجبك المقال والمحتوى؟ ابق قريبًا من شانية

📌 توصل بتحديثات الموقع وجديد المقالات والمحتوى عبر بريدك

⚠ يمكنك إلغاء اشتراكك لاحقًا في أي وقت بضغطة زر
‫‫ شاركها‬
اشترك
نبّهني عن
guest

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments