تقييم الكتب في مراجعاتي، لماذا توقفت عن فعل ذلك؟
قبل أن أفتتح موقع شانية، كنت قد بدأت قناتي علم مشكل للحديث عن الكتب من بين أشياء أخرى، وحقيقة أن الكتابة عن الكتب من الأشياء التي أحب، وأستمتع كثيرا بنقل تجربتي مع الكتب عن طريق الكتابة.
في البداية لم أكن أهتم بتقييم الكتب، كنت أتحدث عن الكتاب وما يُميزه أو ما يعيبه، وكان ذلك كافيًا، لكن عندما فكرت في تحديث الشكل الذي أصمم به عروضي لإعطاء القارئ فكرة أفضل عن مستوى الكتاب، بدأت في اعتماد تقييم للكتاب، اخترت أن يكون مشابهًا لنظام موقع جوود بريدز/Goodreads العالمي ومواقع أخرى، تقييم من أصل 5، وكانت لي إضافة بأن أضيف للكتاب علامة إضافية أو اكثر إن وجدت أنه يستحق، وعندما افتتحت موقع شانية، اعتمدت النظام نفسه.
– مُشكلتي مع تقييم الكتاب
أولًا، هو اختيار شخصي، أدركت أنه في أي عملٍ شخصي، ومراجعاتي عمل شخصي على موقع أديره، الاقتناع أداة مهمة جدًا في تحديد طريقة العمل، هنالك من يمتنع مثلا عن الحصول على مصدرٍ إضافي من المال فقط لأنه غير مقتنع بالعمل، لا يعني أنه يجده سيئا، لكن قناعته الشخصية تدفعه بعيدًا عنه، وهذا ما حصل لي، إنني أجد نفسي في كل مرة أقبل فيها على وضع علامة نهائية لكتاب ما غير قادرٍ إطلاقًا على إعطائه علامة من 5، لذا هذا دافعي الأول.
– سلم التقييم
كشخصٍ بدأ تقييم الأعمال الترفيهية بعيدًا عن الأدب، فقد كنت مُجبرًا على إعطاء علامة نهائية لكل لعبة أنهي وأنوي مراجعتها، ولفعل ذلك، أنا بحاجة لسلم، وإلا ما معنى إعطاء الكتاب علامة من 5؟ أو علامتين ونصف؟
بالعودة لموقع جوود ريدز، ستجد أن نظام النجوم الذي يمكن تبسيطه لتقييمٍ من أصل 5 بدل النجوم يمتلك سلمًا، يُقاس بتجربة القارئ مع الكتاب، هل كان جيدًا، لا بأس به وغير ذلك، إنه سلم بعيد عن المهنية، وأقصد هنا أنه لا يعني أن تقييم شخصٍ لكتاب عليه هو تقييم نقدي أو تحليل أدبي، السلم هنا مهم جدا، وحتى إن كنت مُجبرا مستقبلا على استخدام تقييم ما، فلا بد أن يكون هنالك سلم، سلم واضح ليس فقط بإعطاء كل علامة مقابلا، وإنما بإعطاء هذا السلم هويته، هل التقييم متعلق بمستوى الكتاب؟ أم بتجربة القارئ؟ أم من منظور أدبي نقدي؟ أو بتأثيره؟ ربما بفائدته؟ وغير ذلك.
– تجربة القراء مختلفة
قد لا يُعجب البعض أن الكتاب منتج ترفيهي، وطبعًا من الظلم حصر الكتاب في تعريف من هذا القبيل، الكتاب أداة ترفيهية، تثقيفية وتعليمية، ويُمكن طبعًا أن تأخذ أكثر من وجه، وهنا المشكلة، من المستحيل أن تكون لكل القراء تجربة مُوحدة، طبعًا هنالك كتب رائعة، وأخرى متوسطة، وكتب سيئة بلا شك، لكن، هنالك معايير أخرى تجعل تقييم الكتب بالنسبة لي أمرًا صعبًا جدا، على الأقل دون التفكير في سلمٍ واضح، أيمكن أن أعطي كتاب علوم علامة سيئة لأن محتواه يتجاوز مستوى فهمي؟ هل أقيم رواية وأعطيها علامة كاملة لأنها أعجبتني؟
قد يقول لي البعض لما لا تضع سلمًا لمراجعاتك إذا؟ والحق أنني حاولت، بل حاولت أن أسأل القراء عمّا يريدون وما يبحثون عنه في مراجعة، وما حصلت عليه كان فعلا ما أحتاجه، أغلبهم يرغبون بمعرفة مستوى الكتاب، التقييم لم يكن بالنسبة لهم سوى اختصارٍ لمعرفة مستوى الكتاب، المراجعة قد تكون طويلة، وليس الكل متفرغًا لقراءة كل مراجعة ليخرج بفكرة أخيرة عن الكتاب، لذا التقييم في أغلب الأحيان ليس سوى الطريقة الأسرع للحصول على حكمٍ مبدئي، وهذا كان المنطلق ببساطة لإيجاد طريقة أفضل لأستبدل التقييم بنظامٍ مختلف.
– التقييم ظلم للكتاب
نعم، بعد بحثٍ لساعات، وجدت أن ما أقوم به بتقييم الكتب عادة هو ظلم للكتاب، للأسباب التي ذكرت سابقًا، تأثير التقييم قد يكون ظالمًا للكتاب، إن ما أنا اخترت تقييم الكتاب على درجة استمتاعي فلا يعني ذلك إطلاقًا أنه سيئ، أنت بحاجة للسلم لمعرفة ذلك، لكن في الغالب لا وجود لهذا السلم، لذا ستحكم على الكتاب بأنه سيئ ما إن وجدت أن تقييمه واحد من أصل خمسة مثلا، أو أنه رائع ما إن وجدت أنني أعطيته علامة كاملة رغم أن ذلك قد يكون بالنسبة لي لأنني وجدته ممتعًا، أو أنه من كاتبي المفضل أو وجدت فيه حلا لمُشكلتي…
– كيف يُؤثر عليك التقييم؟
لعل هذا الجزء من بحثي الصغير هو ما جعلني أعيد النظر في الأمور، تتذكر ما قلت عن تقييم الكتاب وكيف أنه بالنسبة للكثيرين هو الطريقة الأسرع والأبسط بلا شك لأخذ فكرة عن مستوى الكتاب؟ من المعروف أننا نستخدم حكمنا الشخصي وتحليلنا ليكون لنا رأي بخصوص الأشياء، لكن إن كانت هنالك طريق مختصرة فنحن نأخذها، دعني أعطيك مثالا، البعض يأخذ أيامًا يبحث عن مميزات الهواتف، يحدد الأنسب له والخصائص التي يبحث عنها، تم يُحدد واحدًا ويقوم بشرائه، والبعض ينتقل ببساطة لمحل بيع الهواتف ويأخذ نصيحة البائع، أو يأخذ نصيحة صديق.
الأمر قد يكون مشابهًا مع القراء، هنالك من يختار كتبه بعناية، وهنالك من يأخذ برأي القراء الأخرين أو برأي المراجعين، خاصة إن كانت ميولهم متقاربة، أو يراها مشابهة له في جوانب عديدة، لذا وضع سلمٍ لتقييم الكتب قد يكون لصالح شريحة معينة فقط، إن كان مثلا على درجة استمتاعي، فسيكون من الظلم أن يترك بقية القراء ممن يعتمدون سلم تقييم مبنيا على الفائدة الكتاب لأن طريقة تقييمنا غير مُتطابقة.
الأمر الأخير، إن اعتدت على ذلك، فإن التقييمات يُمكن أن تُفسد عليك تجربة القراءة، إن انطلقت من فكرة أن تقييم الكتاب سيئ، فقد تجد صعوبة في تجاوز عيوبه، والعكس صحيح، كما أن البعض يعتمد على التقييم فقط لتحديد ما إن كان الكتاب سيدخل ضمن قائمة القراءة لديه، وقد حصلت على ردودٍ من قراء أزالوا كتبًا من قائمة القراءة لمجرد أنني أعطيت الكتاب علامتين فقط، رغم أنه في المراجعة، ذكرت أن الكتاب مُناسب لفئة معينة دون غيرها، وهذا فعليًا من أراه ظلمًا كبيرا للكتاب وللقارئ أيضا.
– التقييم مسألة معقدة
أحب أن أعطي الكتاب حقه، لذلك أركز في مراجعاتي على أكثر من جانب، كلها جاءت خدمة لآراء القراء، محتوى الكتاب، تحليل لهذا المحتوى، وكيف تم تقديمه، وأظنني راضٍ بشكل كبير عن الطريقة التي أقسم بها مراجعاتي، لكن ليس بشكلٍ كامل عن الطريقة التي أعمل بها على مراجعة الكتاب وفق هذا التقسيم، لذا لا أجد التقييم يتوافق مع نظام مراجعات بهذا الشكل، وإلا لكان لزامًا عليّ أن أقيم كل قسمٍ على حدى، قد تكون هذه نقطة جيدة، لكن مُجددا، التقييم سيتأثر بأشياء عديدة، منها شعوري باتجاه الكتاب واطلاعي على الموضوع وما إلى ذلك.
زيادة على ذلك، التقييم لا يخدمني دائما، أحيانا أقرأ نسخة فرنسية من كتاب انجليزي مترجم عن الروسية، تقييمي متعلق بهذه النسخة، إلا أن الكتاب هو نفسه، ومن سيأخذ هذا التقييم قد يُسقطه على النسخة العربية أو طبعة مختلفة، وفي الغالب لا أحد يهتم بقراءة كل المراجعة، أو لا يقرأ المراجعة أساسًا، لذا سأسد هذه الثغرة وحسب، ألغي التقييم وأفكر في طريقة أفضل لأعطي القارئ فكرة أفضل عن الكتاب وتجربتي معه.
طبعًا لكل رأي، البعض سيرى التخلص من التقييم أمرًا سيئا، لكنني وصلت لهذا القرار بعد مدة من محاولة الاقتناع به، والأكثر بعدما تأكدت أن الضرر الذي يُمكن أن يحدث، قد لا يصل بعض الأشخاص، هنالك قارئ يبني رأيه على أكثر من عامل، وهنالك قارئ يميل للبساطة ويهتم للتقييم وحسب أو يضعه كواحد من العوامل المهمة والمؤثرة.
الآن، ماذا عن البديل؟ هذا الموضوع طويل بما فيه الكفاية، لذا سأتحدث عن بديلٍ لمسألة التقييم هذه في مقالٍ منفصل، حتى أتمكن أيضًا من تحديثه كما أحب.
