‫الرئيسية‬ مقالات ثلاثة أشياء سأتخلص منها لتحقيق المزيد من النجاح (المثالية – التعقيد – التشتيت)
مقالات - 11/07/2020

ثلاثة أشياء سأتخلص منها لتحقيق المزيد من النجاح (المثالية – التعقيد – التشتيت)

عندما بدأت فكرة شانية، كنت أعلم أنها ستكون جزءًا منّي ومن شخصيتي، عليها أضع تجاربي، لكن، لم أعلم أن موقع شانية سيكون نسخة منّي، أنظر إليها لأرى ما يعيب طريقة عملي، خلال سنتين، كتبت على شانية وحدي، ورغم أنني فتحت باب المشاركة من اليوم الأول، إلّا أنني عملت على كل شيء فيها وحدي، كل شيء بلا استثناء، من الأمور التقنية للتصميم والمحتوى المرئي، المكتوب والصوتي، وهذا مكنني بعد سنتين، من ملاحظة الأخطاء التي وقعت فيها، والتي كانت مرآة للطريقة التي أعمل بها، والطريقة التي تمضي بها أيامي.

الكثير ممّا اشتغلت عليه لم يرى النور، أو نتائجه كانت محبطة، وذلك لسعي المتواصل للمثالية (بمفهومها البسيط وليس بحثًا عن الكمال) اشتغلت على كل شيء وحدي، وحاولت أن أستنسخ ما يقوم به الناجحون ممن يمتلكون فريق عمل، فجعلت مهامي معقدة، ولأنني أردت أن يكون حضور شانية بالصوت والصورة والنص، فقد عملت على برنامج صوتي من البداية، مقاطع فيديو ومحتويات تفاعلية وغيرها الكثير، لأشتت تركيزي وانتباهي، وأعجز عن إكمال أي شيء بالشكل الصحيح.

– المثالية –

أن تكون مثاليًا أو تميل للمثالية إذ ما أردت العمل على مشروعٍ أو فكرة أو بدأ عادة، لا يعني أنك مثالي، بل إنّ المعاناة التي تُمثلها المثالية في حد ذاتها عبارة عن نقصٍ وعيب، حقيقة، أرى أن للمثالية بعض الفائدة، فإن إن كُنت قادرًا على التخلي عنها والإبقاء على بعض منافعها، فأرى أنه سيكون لذلك أثر أكبر من مجرد التخلص منها، والعيب والنقص في الإنسان باقٍ حتى وإن تنازل عنها.

المثالية أن تبحث عن الكمال (والكمال لله) فيما تعمل عليه، وهذا الكمال قد يكون متعلقًا عادة برضاك عمّا تعمل عليه، لكن لا تخلط بين هذا الأمر وبين الإتقان أو الإحسان في العمل، فهذا بلا شك أمر مختلف، محمود ويُمكن أن يحل محل المثالية، المثالية متعلقة عادة بأمرٍ آخر، ويختصرها البعض في أنها الحالة التي يكون فيه الإقدام على أي عمل يُساوي إمّا كل شيء أو لا شيء (المشروع = إمّا أن أقوم بكل شيء متعلق به بشكلٍ كامل أو لا أقوم به من الأساس) وهذا يبقي للخطأ مجالًا صغيرًا للغاية، وعادة ما ترتبط المثالية بالإحساس بـ:

• الإحباط: وذلك إذا لم تتكلل جهودك بالنجاح في النهاية، أو لم ترى أنك ستصل للنجاح المُراد بالشكل المرغوب فتتوقف قبل أن تنتهي، تخيل مثلًا أن تتوقف عن تعلم الرسم لأنك عاجز عن نقل ما في مخيتلك للورق، هنا أنت لا تسمح لنفسك بالتطور، التجربة والخطأ، فإمّا أن يتطابق ما في خيالك وما على الورق، أو ستستسلم.

• التردد أو الخوف: ويسبق هذا الأمر البدأ بالعمل، حيث ترى أنك لا تمتلك القدرات الكافية أو الخبرات اللازمة، فتستمر في تعلم نفس الأشياء مرة ومرتين وأكثر، وقد تتوقف عند هذه المرحلة، فتموت الأفكار قبل أن تُولد.

• جلد الذات: بما أنك تترك مساحة صغيرة جدًا للخطأ، فإن الوقوع فيه يعود عليك بالشعور بالذنب، وستشرع بجلد الذات، إذ أن عدم الرضى عن العمل ونتيجته قد ترتبط عندك بعدم قدرتك على القيام بالأشياء بالشكل الصحيح، ولهذا خطورته تكمن في أنه يحد من قدرتك على التعلم وفصل نفسك عن عملك، فشخصيتك تتطور، أمّا العمل فقد يفشل أو ينجح لأسباب خارجية، وأنت لست السبب الوحيد في ذلك.

التخلص من المثالية:

إن كنت تُعاني من المثالية، فمن الجيد الإبقاء على أثرها عليك وعلى عملك، لكن ستحتاج للتخلص من بقية الأشياء.

• أولًا: أنظر لنفسك كالشخص المُحب للإتقان، في أي عملٍ تقبل عليه، أكان عادة أو مشروعًا أو عملًا أو مساعدة… الإتقان أو الإحسان في العمل أمر محمود، مرغوب فيه من قبل الناس، فإن أردت القيام بشيء، فلا تبحث عن المثالية فيه وإنما الاتقان، أي أن النواقص والعيوب وغير ذلك ستظهر بلا شك، خاصة إن عدت إليه في وقتٍ لاحق، أصلح العيوب الكبيرة، ولا تُبالغ في العمل عليه، فإن كانت عادة، فقم بها بالشكل الصحيح حسب قدرتك واستطاعتك، ولا تبالغ في الزيادة عليها، لا تتسرع، ولا تتشاءم، واطلب المساعدة عند الحاجة.

• ثانيا: اربط الخطأ بالتعلم، لا تربط الخطأ بجلد الذات، الخطأ مكسب كبير لمن يستطيع الاستفادة منه، لهذا يرى الكثيرون أن الفشل ليس سوى طريقٍ آخر لبلوغ الهدف، الفرق فقط بينه وبين النجاح أن طريق الثاني أقصر، الأخطاء الواضحة والعيوب الظاهرة تحتاج لإصلاح وتصويب بلا شك، أمّا ما يظهر لك من أخطاء لاحقًا، فقم بالاستفادة منها في أعمالٍ آخرى، المثالية قد تكون مدمرة أيضًا إن أقنعت نفسك بأن عملك كامل، وقد تُضيع على نفسك فرصة الحصول على نقدٍ بناء، يبني شخصيتك وتبني به أعمالًا أفضل.

• ثالثًا: اربط شخصيتك بالتعلم، وهي عند الناجحين قدرة خارقة، فلا يهم كم مرة يضيع الجهد في عملٍ لا ينجح، أو ينجح العمل في أعينهم ويفشل في أعين الناس، فإن ثقتهم بأنفسهم لا يهزها شيء، لأنهم ربطوا شخصياتهم بالتعلم، فإن أنت فعلت ذلك، فسيصير كل ما تقوم به بابًا من أبواب التعلم، إن فشلت في عادة، فهي فرصة للتعلم، بدراسة الأسباب، فإن كان السبب كسلًا مثلا، عملت عليه، وإن كان الوقت عملت عليه، وإن كان أمرًا آخر عملت عليه، أمّا المثالية، فستُعيد الفشل إلى نفسك وشخصيتك فتكسرها.

– التعقيد –

سأل أحدهم: “كيف أضع فيلين في قارورة دون أن يلمسا بعضهما؟” فأطال الآخر التفكير فقال: “ماذا لو وضعت بينهما فيلًا آخر؟” وربما يكون هذا الخيار ممكنًا لو أن القارورة تتسع للفيلين وما بينهما، الصورة الكاملة تصنع الفارق، الحياة بسيطة إن بسطناها، مقعدة إن فعلنا العكس، وفي مرات كثيرة، التفكير الطويل في حلول ما لا حل له يستهلك طاقتنا، لكن التفكير الطويل فيما هو بسيط يُمكن أن يكون سببًا في استهلاك هذه الطاقة أيضًا، فيحصل التشتيت، والتشتيت يُضيع الطاقة، ويأكل الوقت.

يقال أن كل خيار تتخذ في الحياة إمّا أن يجعل يومك أكثر تعقيدًا أو بساطة، خذ ذلك وأسقطه على الحياة،  إذا نظرت لبناء كبير، فلا بد أن تجد أن دعاماته أكبر وأكثر، وكلمّا اختلف شكله، تغيرت أشكال الدعامات وأماكنها، والحياة بنفس الشكل تحتاج لأن تُدعمها بالمزيد من المعرفة والتعلم والعادات، فكلما زدت على البناء طبقة أضفت ثقلًا للبناء، حتى تعجز الدعامات على حمله، الدعامات في حياتك هي كل شيء تُبني عليه بقية الأشياء، فهي الوقت والطاقة والجهد والمال وغير ذلك، أمّا البناء فهو عملك وعاداتك ومشاريعك وعائلتك، وكلما أضفت على البناء شيئًا، أثقلت على الدعامات، فإن أكثرت، أصبح صعبًا عليك التحكم في كل شيء وقد يسقط البناء، فالحرص يجب أن يكون على أن تحمل دعاماتك ما تقدر على حمله، وألّا تزيد عليها إلّا إن زدت عدد الدعامات أو على الأقل قويتها.

يظهر التعقيد غالبًا إمّا في الطريقة التي تقوم فيها بالأشياء، ويُمكن أن تكون متعلقة بمناحي الحياة كلها، فإن أردت أن أضع نفسي كمثال، فإني شخص كثير القوائم، ولدي لكل شيء قائمة، وهذه القوائم التي من المفترض أن تجعل حياتي بسيطة، جعلتها معقدة.

التخلص من التعقيد:

التعقيد يكون في الغالب سببًا في الإجهاد، لذا يجب أن تكون حياتك في كل مناحيها بسيطة، التبسيط له أوجه عديدة، ومنها:

• لا تزد شيئًا من الأساس إن لم تكن لديك قدرة عليه: اسأل نفسك السؤال التالي: هل ما أنا مقبل عليه سيعقد حياتي أم يُسهلها؟ تبسيط الحياة يكون أحيانًا في قول لا، ليس كل شيء في حياتك يحتاج تدخلك، وهذا يأخذنا للنقطة التالية.

• فوض واطلب المساعدة: يُمكنك طلب المساعدة إن كان العمل كثيرًا أو مربكًا، أو يُمكنك أن تفوض أجزاءً منه، أن تقوم بكل شيء وحدك سينتهي في الغالب بك مرهقًا وغير قادر على القيام بأشياء آخرى، قد تكون أهميتها أكبر.

• بسط: من المفروض أن تكون هذه قاعدتك في الحياة، أو واحدة من قواعد الحياة، أي شيء تقوم به، يُمكن أن تبسطه بشكلٍ أو بآخر، فقد وجدت مثلًا أن تغيير اختصارات الأزرار على لوحة المفاتيح في البرامج التي أستخدم للصوت والمونتاج يسهل العمل بشكلٍ كبير، ويُسهله، كما أن بدأ العادات بتبسيطها يجعلها سهلة ويسهل المداومة عليها، فبدل التوقف عن أكل السكريات دفعة واحدة، يُمكن تبسيط العادة بالتوقف عن أكل أنواعٍ محددة من الأكل الذي يحتوي السكر، وإضافة المزيد منه، كما أن استخدام قائمة لكتابة الأشياء التي تحتاجها وأنت في طريقك خارج البيت قد تكون مفيدة للغاية إن كان عملك مثلًا يتطلب أن تحمل حقيبة العمل والمفاتيح وهاتفك وربما حاسوبك وأوراق العمل، أن تحاول تذكرها دائمًا يُمكن أن يختصر في ورقة صغيرة تحمل هذه الأشياء تقرأها قبل أن تُغادر، أنظر لحياتك، كل شيء يُمكن أن يُبسط بشكلٍ أو بآخر.

🎧 استمع للحلقة 5 من بودكاست شانية لمعرفة المزيد من مبدئ التبسيط.

– احذر من الوقوع في فخ التعقيد لغرض التبسيط، قد تبحث عن تبسيط ما تقوم به فتجد أنك أوقعت نفسك في خطأ كبير بالعمل على عددٍ كبير من القوائم لكل شيء، وتسجيل نفسك في برامجٍ للحاسوب وتطبيقات للهاتف وغير ذلك، وعدت نفسك بتبسيط الأمور عليك من خلالها، كن حذرًا، ما إن ترى أن الأمور تصبع معقدة أكثر، اعمل على تبسيطها.

– التشتيت –

كذبة شهيرة هي تلك التي يقول صاحبها: “أنا شخص اعتدت على تعدد المهام Multi tasking” بل إنه اعتاد على التبديل بين المهام (Task switching) فتعدد المهام يكون للأشياء التي لا تأخذ تركيزك، أمّا التنقل بين عملٍ وآخر، ليس سوى عملية تبديل لا أكثر، وقد يكون الوقت الملام هنا، فإن عملت على كتابة نص هذا المقال لنصف ساعة وانتقلت للعمل على شيء آخر لنصف ساعة، فسأشعر وكأنني أعمل بسرعة وأنني قادر على القيام بأكثر من عمل بالحفاظ على نفس درجة التركيز، لكن الحقيقة أنني لا أفعل، والمفترض أن أركز على عملٍ واحد حتى أنهيه.

يُمكنك أن تستمع لبودكاست موانع وتُقشر البصل وتُجهز السلطة وتضع الأطباق على الطاولة، لكن أيُمكنك أن تكتب فصلًا من رواية وأنت تستمع لفصل من كتاب؟ عادة، الأعمال التي تقبل تعدد المهام هي الأشياء التي يكون تركيز الدماغ على شيء، كأن تستمع لشيء، وعمل الجسد يكون على شيء آخر، كممارسة الرياضة أو غسل الأطباق أو أعمال النجارة….

التشتيت لا يضر على المدى القريب وإنما البعيد أيضًا، فعدم التركيز على مهارة واحدة يجعلها تضيع، وعدم التركيز على مشروعٍ واحد يجعل الوصول لنهايته بطيئة، وعدم التركيز على عادة مهمة أو بضع عادات لا يعطي النتائج المرغوبة وهكذا، كما أن التشتيت قد يكون بسبب كثيرة القوائم، أو كثيرة المعلومات التي تحصل عليها، أو كثرة ما تستهلك منها (المعلومات) ومن كثرة قوائم الكتب والأفلام التي جمعت، وكثرة الملابس التي تمتلك والعادات التي تُريد أن تكتسب، والمشاريع التي تُريد العمل عليها أو بدأت فعلًا العمل عليها… التشتيت من جنس التعقيد، غير أن التعقيد هو أن تأخذ نفس الشيء وتزيد عليه إلى أن يصبح ثقيلًا مُجهدًا، أمّا التشتيت فهو أن يكون لك من هذا الشيء أشياء متعددة.

التخلص من التشتيت:

هل سبق أن علقت تحاول فك سلك الشاحن الذي تداخل مع سمّاعات الهاتف وأسلاكٍ آخرى؟ سهل أن تفكها إن كان هنالك سلك واحد، وكلما زادت كلما صعب عليك الأمر، مهما فعلت، طاقتك وما يُوازيها (الموارد المتوفرة بأنواعها) تتآكل وتتجدد، هدفك أن تجعلها تتآكل بشكلٍ يسمح لها بأن تتجدد بشكلٍ كامل يسمح لك بالقيام بالأشياء بالشكل الصحيح والحصول على النتائج الجيدة، فقم بالتالي:

• واحد أفضل من اثنين: قائمة جديدة؟ عمل جديد؟ عادة جديدة؟ ماذا عن القوائم التي تملك؟ الأعمال التي بدأت ولم تنهي؟ العادات التي مازلت تُحاول اكتسابها؟ إن كنت تُعاني مع قائمتين وعادتين وعملين، فستعاني بشكل أكبر مع ثلاث قوائم وثلاث عادات وثلاثة أعمال، فكر قبل أن تزيد، خاصة إن كنت تُعاني من التعقيد، اعمل على ما تمتلك أولًا وبعدها ضف إليها حسب ما تمتلك من موارد.

• حدد أولوياتك: مع كل شيء، قول نعم لشيء هو قول لا لشيء آخر، هنالك طرق عديدة لتحديد الأولويات حسب ما تريد العمل عليه، إن كانت للعادات، فابدأ بالتي لها تأثير كبير على حياتك وتؤثر على بقية العادات، اكتساب عادة ممارسة الرياضة أهم من الرسم إن كان وزنك زائدًا (هذا أنا) وتعلم لغة تستخدمها أهم من لغة تُحبها (هذا أيضًا أنا) والعمل على الضروريات أهم من العمل على الكماليات….

• تخلص من فكرة تعدد المهام: لا تُبدل بين المهام باستمرار، ركز على المهم، وإن كان كل شيء مهما، فركز على شيء واحد قبل أن تمر لآخر، فإن كان ما تعمل عليه متمثلًا في أكثر من مشروع، فحدد القدر الذي تُريد أن تعمل عليه، سواء بمقدار العمل أو بالوقت الذي ستخصص لكل عمل.

هذه ثلاثة أمور أحاول جاهدًا التخلي عنها، سأبدأ بالشكل الذي أقدر عليه، من اليوم، خطوة خطوة، وسأحرص على ألّا أقوم بكل شيء دفعة واحدة، هذه الأمور الثلاثية أمور متداخلة فيما بينها أيضًا، والتخلص من واحدة قد يهد أجزاءً من الآخرى فيسهل عليّ التخلص منها أيضًا، وطبعًا كل واحدة من هذه الأمور الثلاثة يحتاج لعملٍ كبير وللمزيد من التفصيل، لذا لا تتوقف عند هذا الحد.

أعجبك المقال والمحتوى؟ ابق قريبًا من شانية

📌 توصل بتحديثات الموقع وجديد المقالات والمحتوى عبر بريدك

⚠ يمكنك إلغاء اشتراكك لاحقًا في أي وقت بضغطة زر
اشترك
نبّهني عن
guest

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments