أجِد فن التفاوض مع 7 قواعد بسيطة من ريتشارد تمبلر
التفاعل مع العالم يقتضي من أي شخصٍ أن يتفاعل مع الأشخاص الذين فيه، وقد تحتاج كثيرا لأن تُفاوض على سلعة أو مهارة أو وضعية، أو أن تُوضع في ظرفٍ يستدعي منك التفاوض للمقابل الذي ستحصل عليه، وهنا عليك أن تكون قادرا على الحصول على عرض مرضٍ، وأن تستخدم فن التفاوض ليكون ما تفاوض عليه ذو معنىً لك ومربحا للطرفين.
في هذا المقال ستقرأ 7 نقاط من ريتشارد تمبلر¹ تضمن لك عملية تفاوض أفضل، من خلالها ستكون قادرا على التحكم بشكل أكبر في الموقف، والخروج بنتيجة مُرضية للطرفين، دون أن تَستغل أو تُستغل.
– اعرف حدودك
قبل أن تدخل في عملية التفاوض مع شخصٍ آخر أو أكثر، حاول أن تمتلك فكرة عن حدودك، اجعلها واضحة، ذلك سيجعلك قادرا على إعطائك مساحة تفاوضٍ أكبر، ستبدو أكثر ثقة وستمنع الشخص الآخر من أن يراك كشخصٍ من السهل التغلب عليه واستغلاله، ضع لنفسك حدودا من المستحيل أن تتنازل عن شيء إضافي بالوصول إليها، مثلا في الراتب، ضع لنفسك حدا أدنى وفاوض على راتبٍ ترى أنك تستحقه، إن لم يكن بالإمكان الحصول عليه فلا بأس بالتحرك في المساحة ما بين الحد الأدنى وما طلبت، لكن لا تجعل الطرف الآخر يهبط إلى ما دون هذا الحد.
طبعا يُمكن أن تكون هذه الحدود مُحددة لما ستُقدم، مثلا إن كنت تبيع منتجا فستمنع السعر من أن يصل لقدرٍ معين، الأمر هو نفسه مع كل ما تُريد أن تقدم، وقتك مثلا، استشاراتك، مهاراتك، أو مُحددة لما ستحصل عليه، حيث ترفض مباشرة أي عرضٍ قدم لك لا يصل هذه الحدود، اعلم أن فعل ذلك هو دليل على قوة الشخصية، والثقة في ما تقدم، قد لا تكون مضطرا أحيانا لقبول العروض لسبب أو لآخر، لكن لا تُظهر من البداية أنك شخص سريع التنازل، بالإضافة لكون بعض الناس استغلاليين، هنالك من يعلم أن التفاوض يقتضي منه ألا يقبل مباشرة وحتى إن حصل على عرضٍ يُرضيه فسيحاول مواصلة التفاوض إلى أن يشعر أنه وصل للحد الذي لا يمكن تجاوزه.
– اعرف غايتك من التفاوض
لا تُفاوض على شيء أنت لا تعرفه، ولا تُفاوض إن لم تكن تملك غاية من ذلك، يجب أن تمتلك هدفا مُحددا لفعل ذلك، بنفس الشكل الذي تعرف حدودك، عليك أن تسأل نفسك مالذي أبحث عنه من هذا التفاوض، قد تحصل على عرضٍ جيد جدا لكنه لا يناسبك لأنه لا يُساعدك على الوصول لهدفك، لنقل مثلا أنك تُريد أن تنشر كتابك وفاوضت على السعر وعدد النسخ وغير ذلك، لكن هدفك أن تُشارك مثلا في معارض الكتب في بلدٍ معين، إن لم تحصل على عرضٍ يساعدك في هذا الهدف فلن تبدو لك الصفقة ناجحة بالشكل الذي أردت، لذا قبل أن تفاوض ضع لك هدفًا أو أكثر، لا تجعل الأمور ضبابية، أحيانا تكون العروض مغرية جدا، لكن ما ستحصل عليه لن يفيدك في شيء.
البعض قادر على إيهامك أنك الرابح من عملية التفاوض، في حين أن ما يقوم به هو عملية اغراء تجعلك بعيدا عن الحصول على ما تُريد، تخيل أنك فزت برحلة، لتكتشف أن الرحلة هي لمدينتك، إن الطرف الآخر قام بالمطلوب، لكنك لم تستفد، في حين بالإمكان أن تفاوض على رحلة لمكانٍ آخر إن كانت هذه غايتك، أو أن تطلب أن تحصل على جائزة مختلفة.
– ابحث عن الربح للطرفين
تعلم أن أي صفقة يجب أن تبدو على أنها مربحة للطرفين، لأنها بالأساس تمت عن وفاقٍ ورضا، لذا إن كنت تُفاوض على أمر معين فلا تجعل نفسك الرابح الوحيد، لا فائدة من تمني الخسارة للطرف الآخر، إن كنت ستدافع على هدفك وحدودك، فاحترم حدود وأهداف الطرف الآخر أيضا، وأثناء المفاوضة حاول أن تُذكره بأن هذا ما تريد، لكن أعد تكرار الربح الذي سيحصل عليه، وإن كنت أنت من يعرض خدمة أو مهارة، فحاول أن توضح بشكلٍ جيد ما سيحصل عليه الطرف الآخر جراء التعاون معك، أو الحصول على خدماتك.
أنت تعلم أنه إن راسلت شخصا أو قابلته، سواء كان يُمثل نفسه أو مجموعة، فإن قلت له: أريد منك أن تفعل هذا الشيء أو هذا الأمر، فسيبدو ذلك مباشرة كأنك تستغله، وإن كنت ستخفي ما تبحث عنه حقيقة وتُظهر الطرف الآخر على أنه الرابح الوحيد فسيبدو الأمر مشكوكا فيه، كن واضحا فيما تُريد، وحتى إن لم تكن تملك عرضا مناسبا للطرف الآخر فاسأل، أخبره بما تريد، واطلب منه أن يخبرك بالطريقة التي يمكن أن تخدمه بها، أن تتعاونا أو تستفيدا من مهارة بعضكم البعض بها، بفعلك ذلك حتى وإن لم تخرج بنتيجة من عملية التفاوض هذه، فقد يعود إليك في فرصة أخرى.
– التفاوض غير قائم على المادة وحسب
إن كنت تُفاوض على راتب أو هامش ربح أو سلعة، فقد يبدو لك الأمر واضحا، وسهلا، لكن التفاوض يتجاوز ذلك للجوانب العاطفية، تستطيع أن تُفاوض على هذه الأمور أيضا، والأمر سيكون أبسط بربط هذه النقطة بالنقاط السابقة، عليك أن تحدد هدفك من أي علاقة، وأن تعرف حدودك وتحاول أن تكون علاقتك مربحة للطرفين، وطبعا لا تُبسط هذا الأمر إلى أن يتحول لعلاقة مبنية على الاستغلال والمصالح، العلاقات أسمى من أن تنخفض قيمتها لهذا الحد.
عندما تفاوض على الجوانب العاطفية فالأمر يعني ببساطة أن تضمن أن الطرف الآخر مرتاح في علاقتك به، وأن تتأكد من أنه يحصل على عائد أيضا متمثل في الإحساس بقيمته كطرفٍ في هذه العلاقة، وأن تُبين له أن لك حدودا، حتى مع الأصدقاء، لا بد ألا يتجاوزا حدودا أظهرتها، لا يوجد داعٍ من الحصول على صديق يُظهرك بشكل محرج أو يضر صورتك بطريقة أو بأخرى باسم الصداقة، إن كنت تريد صديقا، ففاوض على صديقٍ يستحق، وإن حصلت عليه فلا تتنازل عن مواقفك، إن كنت تتلقى الكثير من جهته، فاعمل بجد ليكون هو الآخر رابحا.
– اعرف أهمية كل نقطة
عودة للهدف، بعض الأشياء ستبدو لك ذات أهمية أكثر من الآخرى، قد تُفاوض على عملية نقلٍ لسلعة، وضمن العقد الذي يُكتب هنالك أكثر من نقطة قابلة للتغيير، مثلا النقل قد يكون عن طريق القطار وسيكون أوفر لك، لكن من جهة أخرى يرغب الطرف الآخر في أن تنتقل لنقطة معينة للحصول عليها في حين أنك ترغب في أن يتم التوصيل إلى مكانك، النقطة المهمة لديك هنا هي التوصيل عن طريق القطار، النقاط الآخرى أنت قادر على التنازل عنها.
من المهم جدا وأنت تفاوض أن تعرف كل التفاصيل، لا تقبل لمجرد أن الأمور تبدو مغرية، إن فاوضت على راتب ستحتاج لمعرفة عدد الساعات وآلية العمل أيضا، إن فاوضت على سلعة ستحتاج لمعرفة الضمان وغيره، وإن فاوضت على مهارة يجب أن تعلم الوقت اللازم لتأدية المهمة، وبعد أن تحصل على عرض الطرف الآخر سيسهل عليك معرفة ما يمكنك التنازل عنه، وما يعتبر ضروريا ومهما بالنسبة لك.
– تنازل لتحصل على أشياء آخرى
حسنا، لنقل أنك تنازلت على أمر ما، إن كنت ترغب في مواصلة التفاوض إلى أن تصل لنقطة أفضل فاعرض أن يتم استبدال ما تنازلت عنه بشيء آخر، الأمور غالبا تسير بهذا الشكل، لذا من المهم أن تحدد هدفك وأن تكون على علم بأهمية كل نقطة على حدى، لأنه بدل التنازل بشكل كامل، تستطيع أن تُظهر الطرفين كرابحين بالتنازل للطرف الآخر عن شيء مُحدد في سبيل أن تحصل على أمر آخر، إن رفض زيادة الراتب مثلا قد تقبل ذلك مقابل أن يتم تغيير طريقة العمل أو ساعات العمل، هذا مثال طبعا وحسب، هنالك أكثر من موقف يُمكن أن تستخدم التفاوض فيه، وبعضه متعلق بالجوانب الآخرى من حياتك، كالعلاقات كما حددنا سابقا.
ربما تفشل الكثير من الصفقات وعروض التعاون لأن الطرفين لا يرغبان بالتنازل عن أي شيء تحت أي ظرف، في حين أن واحدا منهما قادر على إنجاح الأمر بمجرد التنازل عن شيء واحد، لذا إن كنت في هذا الموقف، بدل أن تُنهي كل شيء، جرب أن تتنازل عمَا يريد الطرف الآخر أن تتنازل عنه، بشرط أن تطلب أمرا مغايرا، وطبعا الأمر سارٍ في الاتجاهين، يُمكن أن تكون صاحب المبادرة وتطلب من الطرف الآخر التنازل عن أمرٍ مُحدد مقابل أن يحصل على شيء مختلف، لا تخجل من توضيح السبب، مثلا موارد محدودة أو تعقيد في تحقيق الطلب وما إلى ذلك.
– المعرفة تمدك بالقوة
لا يكفيك أن تكون على علمٍ بهدفك من التفاوض وكل النقاط وأهميتها، يجب أن تتجاوز ذلك للبحث عن معلومات إضافية، سواء على نوعية الصفقة، أو الشخص الذي تتعامل معه، أو المجموعة التي تتعامل معها، لا تستهن بأي معلومة، كل شيء يُمكن أن تستغله لصالحك، وتذكر أنك لا تريد هزيمة الشخص الذي أمامك، وإنما ترغب في أن تحصل على عرضٍ يرضي الطرفين، دون اجبار أو استغلال.
بإمكانك مثلا إن كنت تُفاوض على مهارة تمتلكها أن تبحث عن عروضٍ سابقة قد قدمها الطرف الآخر لأشخاصٍ آخرين، أو أن تبحث عن صفقات شبيهة، بهذا الشكل قد تكون قادرا على تقديم عرضٍ أفضل، وأن تضيف بعض النقاط لما سبق أن عُرضِ عليك، قد تفتح لشخص آخر أبوابا جديدة حتى هو لا يعلم أنها موجودة، إن كانت معلوماتك محصورة على نفسك فلن تكون قادرا على التفاوض بشكل جيد، وقد يتم التلاعب بك إن علم الطرف الآخر أنك مهتم بشكل كبير بالعرض ولا تستطيع أن تحدد نقاطك بشكل واضح. سيكون جيدا جدا أن تطلب مساعدة شخصٍ آخر بحيث يوضح لك ما عليك القيام به، أو أن تسأل شخصا مر بموقفٍ شبيه فقد تحصل منه على معلومات مهمة تجعلك تبرز مواطن قوتك.
في النهاية تذكر أن إجادة فن الفاوض لا تعني خروجك كرابحٍ دائما، إن الخبرة أحيانا تلعب دورا كبيرا، وقد تُوضع في ظروف تتنازل فيها عن أكثر ممَا أنت قادر على التنازل عليه، والطرف الآخر قد يجيد فن التفاوض بشكل يُظهر أن ما يحاول الوصول إليه هو ربح للطرفين، لذا حاول ألا تبدو مستعدا لقبول أي شيء، واستفد دائما ممَا تقوم به ونتائجه، ومعرفة هذه النقاط سيكون بداية جيدة، لذا حاول استخدامها عندما تُفاوض على شيء المرة المقبلة.
1– من كتاب “قواعد الثراء” للكاتب ريتشارد تمبلر