‫الرئيسية‬ مراجعات كتب خطر الإرهاب الداهم، قراءة في كتاب “التطرف”
مراجعات كتب - 26/11/2020

خطر الإرهاب الداهم، قراءة في كتاب “التطرف”

كتاب التطرف لإبراهيم غرايبة

التطرف مرادف لمجانبة الصواب والحياد على طريق الوسطية لفائدة منهج يغالي في التشدد، ويكسر الحدود بين المباح إنسانيا وثقافيا واللامباح ليصبح كل أمر مهما كانت فظاعته مبررا. وإن كانت الراديكالية قد ارتبطت خلال القرن الماضي بالحركات اليسارية في أوج قوة الإتحاد السوفياتي، والتي لم تكن ترى من حرج في اختطاف الطائرات والقيام بعمليات التفخيخ وتأسيس مليشيات تنافس الدول في احتكار العنف لبلورة رُؤًى تراها قادمة لا محال بحكم تقدم و سيرورة التاريخ، في حين لاتعدوا أن تكون في نظر معارضيها فكرة طُوباوية منفصلة عن الواقع. فان الراديكالية أصبحت بعد هجمات 11 من سبتمبر لصيقة بالإسلام والمسلمين، حتى أصبح الإسلام مرادفا لدى كثيرين في الغرب بالإرهاب!!

فهل الغرب وحده ضحية  الإرهاب”الإسلاموي” العالمي؟ وما السبيل لمواجهته؟

عربيا تنذر الكتابات التي تناولت ظاهرة الإرهاب، ومن بين هاته الكتب القليلة التي تطرقت للإرهاب، قلة منها أيضا عالجت الظاهرة بشكل أكاديمي علمي، تبحث في الأسباب ودوافع الظاهرة دون أحكام قبلية و استعجال للنتائج، من هاته الدراسات الرصينة كتاب “التطرف” للصحفي الأرني إبراهيم غرايبة.

المسلمون أول ضحايا التطرف!

ينظر الغرب إلى الأصولية الإسلاموية والإرهاب -باعتباره امتدادا لها- على أنه الأكثر تضررا منه، إلا أن الوقائع تثبت بما لايدع مجالا للشك أن أول ضحايا الإرهاب هم من المسليمين، الذين ذاقوا ويلاته ولازالو في الصومال، وباكستان وأفغانستان، وآخر ضحاياه بلدان الشام: سوريا والعراق، إضافة إلى ليبيا بشمال إفريقيا، وهجمات متفرقة هنا وهناك، لم يستثنى منها أي بلد عربي منذ بداية الألفية الثانية، لذلك تفطنت كثيرا من هاته الدول باكرا إلى فداحة الظاهرة وخطورتها، فأحدثت أجهزة مكلفة للمراقبة والتتبع، كجهاز مكافحة الإرهاب في تونس، والمكتب المركزي للأبحاث القضائية في المغرب، الذي يعرف أيضا بجهاز مكافحة الإرهاب.

يبرز الإرهاب كظاهرة كونية لاتكترث بالمطلق بالحدود، غايته الأساسية إلحاق أكبر ضرر

يبرز الإرهاب كظاهرة كونية لاتكترث بالمطلق بالحدود، غايته الأساسية إلحاق أكبر ضرر، وخلق الرعب في نفسية ‘العدو” الذي قد يكون مسيحيا غربيا، أو حكومات ومواطني دول إسلامية، يراها الأصوليون “لا تطبق الإسلام” بالشكل الذي حددوه هم للإسلام. فالجميع في ميزان واحد، بل إن واقع الحال، يثبت أن حدة الراديكالية المتبناة من قبل هاته الجماعات، وصلت إلى الحد الذي جعلها تقتل فيما بينها، ويكفر بعضها بعضا!

وقد استفاد الإرهاب من ظاهرة العولمة، ومن الإنفجار المعلوماتي المهول تحديدا، و الذي وفرت مواقع التواصل الاجتماعي زخمه، فعوض التنقل الجماعي للمتأثرين بالأفكار المتشددة لدول يجري فيها تدريبهم عسكريا وتلقينهم فكريا وعقائديا، كما كان قائما سابقا، غيرت الحركات الارهابية الأصولية من استراتيجيتها، وأصبحت تهدد المدن والبلدان الآمنة عبر ذئاب منفردة، بفضل ما تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي من سهولة ترويج المتطرفين لأفكارهم، لذلك تحولت المعارك بين الدول وهاته الحركات بالأساس، من صراع على الأرض إلى صراع على الإنترنت، فواقع الحال يثبت أننا أمام إرهاب معولم، لذلك لم يتوانى المفكر الأمريكي بنجامين باربر ضمن كتابه (jihad vs, MCworld) في نعت الإرهاب “بالثمرة العفنة للعولمة”.

ما السبيل لمواجهة الإرهاب؟

الحل لقهر التطرف، يجب أن ينطلق من معالجة حقيقية لجوهر المشكل، والتنقيب عن دوافعه بدل الوقوف عند التصدي للإرهابيين فقط

يرى الغرايبة، أن الحل لقهر التطرف، يجب أن ينطلق من معالجة حقيقية لجوهر المشكل، والتنقيب عن دوافعه بدل الوقوف عند التصدي للإرهابيين فقط، أي اتباع “نهج تجفيف المستنقع عوض القضاء على الذباب” في ذات السياق يشير إلى أن إشراك كافة الأطراف ينبغي أن يكون عنوانا للمرحلة ابتداء بالدولة، و مؤسسات المجتمع المدني، والهيئات الحقوقية وغيرهم من الفاعلين بالمجتمع… من أجل فتح نقاش جدي ضمن المجتمع عبر الحوار، ومن ثم خلق فضاء عام يتميز بالحرية في التعبير عن الآراء ونشر قيم التسامح ونبذ العنف.

كما أن التعليم يعد ركيزة أساسية حسب الغرايبة -إلى جانب الإعلام- في القضاء على التطرف على المدى البعيد، وكذا القضاء على البيروقراطية وإنشاء أنظمة سياسية نزيهة ينال فيها كل فرد نصيبه من الموارد، والتغطية الصحية اللائقة والرعاية الإجتماعية لكافة المواطنين، وخلق مناصب الشغل.

حتى الوقت الذي ستمتلك فيه الدول الجرأة والإمكانية للإقدام على هاته الخطوات، فإن الإرهاب سيبقى -وللأسف- يتمدد في المجتمع ويهز أركان الدول مهددا كيانها وسلامة مواطنيها!

تابع كاتب هذا المقال على Goodreads بالضغط على الصورة.

أعجبك المقال والمحتوى؟ ابق قريبًا من شانية

📌 توصل بتحديثات الموقع وجديد المقالات والمحتوى عبر بريدك

⚠ يمكنك إلغاء اشتراكك لاحقًا في أي وقت بضغطة زر
اشترك
نبّهني عن
guest

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments