مراجعة رواية: 1984
رواية 1984 من أشهر روايات الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة) وحتى إن لم أكن شخصًا يُحب هذا النوع ولا الروايات ذات بعدٍ سياسي، إلا أنه كان عليّ قراءتها لأنها تُعتبر مثالا على اتقان الكتابة وبراعة السرد في أدب الرواية، ورغم أنني لم أتعلق ببعدها السياسي وذلك طبيعي لأنني لست شخصا مهتما كثيرا بالسياسة، إلا أنه لم يخب ظني اطلاقا حديثا عن الكتابة والأسلوب.
– معلومات الكتاب
– الكتاب: 1984
– النسخة الإنجليزية: 1984 -Nineteen Eighty-Four
– النوع: رواية ديستوبيا – سياسية
– الأدب: الانجليزي – المملكة المتحدة
– تأليف: George Orwell
– ترجمة: الحارث محمد النبهان
– عدد الصفحات: 312 النسخة العربية
– دار النشر: دار التنوير
– تاريخ النشر: طبعة 1 بتاريخ 2014
– الكتاب على GoodReads: عربية | انجليزية
– المحتوى
في العام 1984 قُسم العالم لثلاثة تكتلات، ونستون شخصية الرواية الرئيسية رجل قارب الأربعين يعيش في أوقيانيا (واحدة من التكتلات) وتحديدا في نسخة كئيبة وتعيسة من لندن، ونستون يعمل في الحزب الذي يُمثل الحكومة، والذي يقوده شخصٌ يُطلق عليه اسم الأخ الأكبر، إنه الحزب الحاكم الذي لا يفوته شيء، يتمثل دور ونستون في الحزب بتغيير التاريخ، لا شيء يصل العامة من الناس دون تغيير، والتاريخ دائما يتغير ليتناسب مع أقوال الأخ الأكبر، لذا من المستحيل معرفة الحقيقة.
في هذا المجتمع الفاسد والظالم، تتكلف شرطة الفكر بمُراقبة الناس والتأكد من أنهم يعيشون وفق ما يريد الحزب، أي تصرف شاذ حتى وإن كان مجرد ابداء انزعاج بسيط من العمل يعني السجن، وأحيانا أن يتم تبخيرك، أي أنك تختفي من العالم ويختفي معك اسمك وكل تفصيل متعلق بك وكأنك لم توجد قط.
رغم أن ونستون ماهر جدا فيما يقوم به، أي في تغيير الحقائق وأرشفتها كما يُريد الحزب، فإنه يحتفظ لنفسه بحرية التفكير في مخالفة الحزب وأفكار الأخ الأكبر، أمر غير مسموح به، ولأن الكل مُراقب وبشكلٍ شديد يصل لدرجة وضع شاشة للمراقبة في كل مكان، فإنه يُغامر بمُجرد التفكير بشكلٍ مختلف.
– تحليل المحتوى
تركيز الرواية بشكلٍ كبير على شخصية ونستون، لذا عدد الشخصيات الرئيسية قليل جدا، هنالك شخصيات آخرى لكنها ثانوية وسريعًا ما تختفي خلف الأحداث الرئيسية، وبقربك الكبير من الشخصية الرئيسية، فستتعلق بها كثيرا، خاصة أنك الوحيد الذي يعرف حقيقة كل ما يدور في تفكيرها.
الرواية من النوع الذي لا يبدو أنه يُقدم أحداثا كبيرة مُغيرة للواقع، هنالك ايقاع بطيئ، والكاتب يأخذ كل وقته للتقديم لحدثٍ مهم، إن استثنينا نهاية الرواية، هذه الأحداث أيضا محدودة من حيث المكان، باستثناء نهاية الرواية مُجددا، لذا أعتبرها رواية تلعب على الأحداث أكثير من الأماكن والشخصيات كما في روايات الفانتازيا مثلا.
الرواية تظل ممتعة، لكن أتفهم أن البعض قد يمل بشكلٍ كبير بسبب ما تحدّث عنه سابقا عن كون ايقاعها بطيئا والأحداث المهمة قد تبدو متباعدة، عنّي شخصيا هنالك جزئية واحدة كانت مملة بالفعل تقع في الجزء الأخير من الكتاب، لكن من حسن الحظ أنها تقع في هذه الجزئية وليس في البداية.
الرواية رواية ديستوبيا، لذا لا عجب أن لها علاقة كبيرة بالواقع، وكثيرا ما توقفت لأعيد قراءة عبارة ما أو فقرة معينة لأنها كانت تصف العالم بشكلٍ عبقري.
– كيف قدم المحتوى
بين السرد والوصف، أعتقد أن السرد هو الأهم في الرواية لأنه هو ما سيُساعدك على معرفة ما سيحصل، لكن للوصف أيضا أهميته، وهنالك ترابط بينهما، فبدل أن ينفصلا، كأن يبدأ الكاتب بوصف مكانٍ ما أو شخصية وما إلى ذلك، فإنه يمزج بين هذا وذلك، فيقدم لك وصفا وتفاعل شخصية الرواية مع الموصوف عن طريق السرد، لم يسبق أن لاحظت أمرا كهذا في روايات آخرى، ليس أنه غير موجود، لكن لم أنتبه لهذا الأسلوب من قبل.
جزء من طول الرواية سببه أن الكاتب يأخذ وقتًا طويلا للتأسيس للأحداث، وذلك كان مهما جدا، هنا يتحول حدث صغير لحدثٍ ذو أهمية لمجرد أنك تمتلك خلفية مسبقة عنه وعن الشخصيات فيه، وهذا بلا شك واحد من نقاط قوة الروايات الطويلة، أن لها متسعًا لبناء الأحداث بالشكل الصحيح.
طبعا قرأت الرواية بالعربية ولها أكثر من ترجمة، النسخة التي حصلت عليها تُرجمت بشكلٍ جيد، هنالك بعض الصعوبة في التعامل مع الاختصارات لبعض الأسماء الطويلة التي تكون عادة مستحيلة بالعربية، لكن أرى أن المُترجم استطاع التعامل مع ذلك بشكلٍ جيد، بحيث استغنى عن وضع حروفٍ متفرقة للتعبير عنها، كأن يكتب “واو-حاء” للتعبير عن “وزارة الحب” لكلمة “وزاحب” أعلم أن الاسم يبدو مضحكًا، لكنه يمنع الخروج عن النص والتأثير على سلاسته.
الرواية مُقسمة على فصول، مقسمة هي الآخرى على أجزاء، لذا لا تجعل طولها يمنعك من قراءتها، باستطاعتك بسهولة قراءتها على جلسات متفرقة.
– ملخص لما قيل
تهربت كثيرا من قراءة الرواية، لست محبًا كبيرا للروايات السياسية ولا لأدب الديستوبيا، لكن التنويع مطلوب حتى لمن يقرأ أدب الرواية، لدي شعور مختلط بخصوص هذا العمل، القصة مبنية بشكلٍ قوي، ورغم بساطتها، إلا أن الأحداث أخذت حقها، لم أحب بُعدها السياسي، ومن يتابعني يعلم أنني لست أفضل شخصٍ يمكن أن تأخذ بنصيحته عندما يتعلق الأمر بالتاريخ أو السياسة، لكنها قدمت لي قصة مبنية باحكام، ولفتت انتباهي لطريقة مختلفة للحديث عن قصة، بالمزج بين الوصف والسرد.
هي رواية عالمية ومشهورة، لكن في أي عملٍ أقرأه أحاول تكوين صورة واضحة عنه بعيدا عن أراء البقية، لذا أرى أنها تستحق علامة 4 من 5، لأنه لا علاقة بكوني أحب السياسة أم لا بجودتها، ويُمكن ككاتب مبتدئ أن أستفيد منها الكثير لأنها غير معقدة لكنها في نفس الوقت مكتوبة ببراعة.