رحلتي لاتباع حدسي – الأسبوع الأول والغناء معلقًا (07/60)
رحلتي لاتباع حدسي
قبل سبعة أيام، قررت أن أُغير نظامي وأضع قوائمي على جنب، وأتبع حدسي وأما أشعر به اتجاه الأشياء والأشخاص، باحث عن التخلص من التشتت وأنا الآن مُشتت أكثر، وأشعر أن اتباع الحدس والأحاسيس أمر لا يخدمني في الكثير، قد يتغير الأمر عند انتهاء تجربتي هذه، لكن إليك ما حصل بكل صدق، فقد كانت لهذه التجربة نتيجة.
أخاف أن أُكرر نفسي ومن عادتي فعل ذلك، سأخبرك سريعًا بأمر، هذه التجربة اتبعتها لمعرفة ما إن كان حدسي وأحاسيسي قادرة على مساعدتي على حل مشكلتين، كشف ما يجعلني أحصل على أقل مما أرى أنني أستحق من جهة، وتخليصي من التشتت من جهة آخرى، فكانت هذه النتيجة حتى الآن ألخصها على القدر الذي أقدر عليه.
> اقرأ أكثر عن الحدس | هذه هي الطريقة التي أتبع في هذه الرحلة.
بعد سنواتٍ من التخطيط والعيش على روتين مُحدد، والعمل بعاداتٍ محددة، التخلي عن كل هذا أمر مخيف في حد ذاته، فمن اليوم الأول، التشتيت الذي أعاني منه أكبر، فلم أستطع التركيز على شيء مُحدد ولا ترتيب أولوياتي بالشكل الصحيح، أبقيت رغم ذلك الأمور بسيطة لدرجة مُعينة، فما يتعلق بعملي المستقل أبقيته أولًا، وما يتعلق به وأخاف أن أنساه أدونه، أمّا بقية ما قمت به، فظل يميل بين عشوائية ومزاجٍ متقلب وتكاسل أكثر من كونه اتباعا لحدٍس أو لإحساس معين، فلا شيء من هذا ظهر مُطلقًا، لكني واصلت على الأمر ودونت ما أقدر على تدوينه.
– الأسبوع الأول:
في ليلة اليوم الأول، جمعني حديث مع صديقٍ لي، وما إن سألني عمّا إن كنت أعمل على شيء هذه الفترة، حدثه عن تجربتي هذه وأبدى حماسًا باتجاهها، وتحدثنا لبعض الوقت بخصوص ما فيها، وذكر لي كيف أنه يقوم بما أقوم به أحيانًا، فكان لهذا الحديث أثر كبير للغاية، فكل قوائمي وما أخطط له وأكتب عنه يُغير من الطريقة التي أعيش بها أيامي، أمّا الشخص العادي فأكثر ما يقوده خلال يومه هو ما يشعر به، فإن تحمس لشيء قام به، وإن تكاسل عنه تركه، وقد لاحظت أنني فعلت هذا الأمر أيضًا من يومي الأول.
لم ينتهي الأسبوع الأول إلّا وقد اعتدت على تجربتي هذه، وقلت انتاجيتي بشكلٍ كبير جدًا، والحماس لم يكفيني للقيام بالكثير من الأشياء، الكثير من الأفكار بدأت ترن وتزن، وبخلو يومي من الكثير مما كنت أقوم به قبلًا، بدأت أفكار دماغي تتقلب، ولم يُسكتها حقيقة إلّا الكتابة، ظللت مُشتتًا، وتخلخل نومي لكثرة ما أفكر فيه، فأنا في الأصل شخص مشتت كثيرًا ويسهل على الأشياء سرقة انتباهي، وبدأت أتخوف ممّا قد يكون لشهرين كاملين من تأثير على حياتي، شعرت وكأنني تخلصت من الرقيب الذي يحكمني ويحكم أيامي، والكثير من العادات التي أراقبها بشكلٍ يومي لم يمر أسبوع إلّا وقد زالت.
حاولت ألّا أشعر بالإحباط لهذا التغيير، فهي تجربة في النهاية وقد أعطت أثرًا، أبقيت هدفي منها (إيجاد الخلل لعدم حصولي على ما أستحق والتشتيت الكبير) حاضرًا، وحاولت أن أستشعر الإشارات في نفسي وما أشعر به، وفي العالم والتأثير الذي يتركه فيّ ما فيه، ودونت ذلك باستمرار حتى وإن كان أمرًا بسيطًا، وبكثرة التفكير في شيء مُحدد كهذه التجربة، تركت مجالًا لدماغي لكيلا يكثر التفكير في كيف أنهي قائمة مهامي لليوم وكيف أصل لما خططت له، فبدأت بعض الأفكار تتكرر.
أول ما يُمكن أن أقول عنه إشارة من العالم (ليس سوى تأثير دماغي للمعلومات التي أتلقى وليست إشارة حقيقة من العالم) كانت عند مشاهدتي لبرنامج المواهب البريطاني، فواحدة من المتسابقين حاولت أن تجمع بين عرضٍ استعراضي شبيه بما يُرى في السيرك وبين الغناء، وحتى إن لم يكن صوتها بذلك السوء، وبلا شك هي تمتلك بعض المهارة وإلّا لما ارتفعت في الهواء بكل يسر، كان العرض سيئًا للغاية، فبقدر ما كان الأمر جديدًا، كان سيئا، ومن الصعب الجمع بين نشاطين يحتاجان للنفس في وقتٍ واحد.
– معلق أغني
أنا أقوم بشيء شبيه، وهو سبب التشتيت، إلّا أنني لم أنظر للأمر من منظور مختلف قبل الآن، قد يكون التشتيت وعدم حصولي على ما أستحق أمرًا واحدًا في الحقيقة، فالأثر سيأخذ وقتًا أطول ليظهر، صحيح أنني أقوم بالكثير من الأشياء وإنتاجيتي أضعاف ما هي عليه لدى الشخص العادي، إلّا أن كل عملٍ يأخذ نفسي، طاقتي ووقتي، وربما أحاول ألّا أنظر للحقيقة كما هي عليه، الأمر يحتاج لبعض التضحيات، وحتى فكرتي في الدمج بين أكثر من مهارة قد لا يكون نافعًا، غير أنني لم أشأ أن آخذ قرارًا معينا من الأسبوع الأول، فحتى إن رغبت بذلك، على ماذا أبقي وعلى ماذا أتخلى؟
أخذت الكثر من الوقت للتفكير في هذه المسألة، ولم أرد أن أبدأ في الافتراض من الآن على أن هذا الأمر أو ذلك هو ما سيحل مشكلتي، ووجدت أن القوائم والتخطيط ومُجرد كتابة ما تشعر به وتفكر به يحفظك من الكثير من الإرهاق النفسي والتفكير المتعب والإحباط، لكن ذلك لم يكن كافيًا، فكرة أن “تعرف شيئا عن كل شيء وكل شيء عن شيء واحد” صحيحة بلا أدنى شك، فلا بأس من التنقل بين الكثير من المهارات والأعمال، على أن يكون لك من الاختصاص نصيب وأن تبني لنفسك اسمًا بالتركيز على مجالٍ واحد، ولي أن أتهرب من هذا الأمر بالقدر الذي أريد، سأحتاج لأن أختار بشكلٍ أو بآخر، لكن لم أعرف ما أختار وآمل بانتهاء هذه التجربة أن أجد رأس الخيط.
لم يكن في الأسبوع الأول إشارات آخرى، وقضيت الكثير من وقتي أعمل بعشوائية متنقلًا بين هذا العمل وذلك، وأشاهد ما أريد بدون قيد، الكثير من وقتي قد ضاع، وقضيت وقتًا أطول على مواقع التواصل الاجتماعي، وما أرغب بالقيام به لا أكتبه، فأنساه يوم غدٍ إلّا إن كان مهمًا جدا، فأفكر به وأنا منشغل في شيء آخر، لكن كان واضحًا أن التشتت يسرق الكثير من راحتي ووقتي، والقوائم لها نفع كبير ولا يمكنني التخلي عنها.
أطلت الحديث، لكن ذلك مهم لمن يرغب بالإحاطة بكل جوانب هذه التجربة، فأنا لا أريد أن أخفي شيئًا أو أنسى ذكر شيء حتى إن كان بسيطًا، فقد تجد نفسك فيّ، وقد تجد نفسك في هذه التجربة، وسيكون من الصعب اختزال كل شيء في النهاية، وحدسي يقول، أطل الكلام، فالمهتم سيقرأه 🙂