رحلتي لاتباع حدسي – الأسبوع الثاني وتجارب الحياة (14/60)
رغم أن تحديثاتي بخصوص هذه التجربة متباعدة، إلّا أنني مواصل عليها، ورحلة اتباع حدسي تقترب من النصف، مشاعري اتجاهها مختلطة، وربما يصعب عليّ الاعتراف بأن ما كنت أقوم به من تخطيط وما عملت به من قوائمٍ يحمل الكثير من الأخطاء، لكن الأمر كذلك، وقد لا أكون بعيدًا إطلاقًا عن الشخص الذي يدخل الغابة وفي يده خريطة وبوصلة، ويتوه فيها بحثًا عن مخرج، ليكتشف بعد عناء طويل أن الخريطة التي يملك لغابة آخرى.
> اقرأ أكثر عن الحدس | هذه هي الطريقة التي أتبع في هذه الرحلة.
– الأسبوع الثاني:
الأسبوع الثاني كان مختلفًا بعض الشيء عن الأسبوع الأول، فقد كنت في الأسبوع الأول مُركزًا بشكلٍ كبير على هذه التجربة، حتى أنني كنت أفكر فيما عليّ كتابته والقيام به، أمّا الأسبوع الثاني فقد سرح تفكيري ناحية حياتي وما فيها، وهذا أمر جيد جدًا، فالجوانب التي أريد أن أصلح تقع في هذه المنطقة.
تدوين ما أفكر فيه باستمرار ومُحاولة دفع أفكاري باتجاه معين سمح لي بملاحظة الطريقة التي أفكر فيها عادة خارج الروتين الذي وضعت لنفسي، فتقريبًا كل شيء فكرت فيه خلال الأسبوع الثاني كان ينتهي بشكلٍ سلبي، مهما كان بسيطًا، وقد يكون هذا مرتبطًا بحالة نفسية أجهلها، فقد يكون للتفكير السلبي أكثر من سبب، وبالتهاون في التخلص منه أو العمل على تحديد سببه، يُمكن أن يكون له تأثير كبير على المدى القريب والبعيد.
أستهلك كميات كبيرة جدًا من المحتويات المتعلقة بتطوير الذات، والكثير ممّا فيها تحفيزي، وما إن تخلصت من ذلك، انقلب تفكيري للجهة المقابلة بشكلٍ كامل، ولا أعلم إن كان ذلك طبيعيًا لدى الكل، لكن من الأكيد أن الطاقة السلبية تُشحن تلقائيًا من شعور الخوف والتردد، في حين أحتاج لشحن طاقتي الإيجابية “يدويا” وبشكلٍ متواصل، ومن الجيد أن أعرف أن ما أقوم به له فائدة كبيرة، فالتفكير السلبي بالإضافة لأثره المباشر على النفس، يُمكن أن يؤخر عملية الوصول للأهداف.
– الاهتمام والحاجة للمال
من الأسباب التي دفعتني لخوض هذه التجربة أنني لا أحصل على نتائجٍ بالشكل الذي أريد، وأرغب باكتساب الوضوح بخصوص ما أريد، وتقريبًا أغلب ما كنت أفكر فيه كان متعلقًا بشكلٍ أو بآخر بالمال، ما أحصل عليه من مالٍ لا يضمن لي الاستقرار الكافي، ومن حسن الحظ أنني أبقي جدولًا بكل مداخيلي ومصاريفي، ألقيت نظرة عليها، وكانت آخر مرة فعلت فيها ذلك نهاية السنة الماضية.
وضعي المالي متدبدب بشكلٍ كبير، نسبة كبيرة من مداخيلي من مجالٍ واحد، وأغلب مصاريفي متعلقة بأشخاصٍ آخرين، وهنالك خلل كبير في نظامي هذا، وقد أمضيت جزءًا من ليلتي أفكر فيما يمكنني القيام به، وبعد تفكير طويل، حاولت التفكير في وضعي وأنا أمتلك المال وأنا لا أمتلكه، وحاولت أن أركز أكثر على الشعور الذي يخلفه عندي ذلك، والمفاجأة أنني لا أهتم، وربما الخلل يقع هنا، فهنالك فرق كبير بين الاهتمام بالمال والحاجة إليه، المال يُعطل الكثير من أهدافي، وفي الحقيقة، حاجتي للمال قد تكون أكبر جدًا ممّا أتوقع، وعدم الاهتمام يحول تركيزي من مصدري الرئيسي للدخل لأشياء لآخرى، لها أهمية كبيرة عندي، إلّا أن تأثيرها محدود لأن الكثير ممّا فيها متعلق بالمال.
هنالك فرق كبير بين الاهتمام بالمال والحاجة إليه
نقطة المال هذه لم تختفي، وعليها دارت وحامت الكثير من الأفكار الآخرى التي رغم تدوينها كانت تعود بشكلٍ متكرر، فقلت دعني أركز على هذا الأمر وأرى إلى أين يوصلني، فكان كل ما أفكر فيه هذا، وحاولت أن أفكر في الحد الذي يمكن أن ينمو إليه كل شيء أقوم به لدرجة يُمكن أن يتضاعف ما أحصل عليه منه كمقابل أو أحصل منه على مقابل إن كنت أستثمر فيه الجهد والوقت بلا نتيجة واضحة.
الحقيقة أن الكثير ممّا أقوم به كلما كبر جلب معه المزيد من الشهرة، وأنا كشخصٍ يكره الطريقة التي تُسوق بها الشهرة ولا أبحث عنها، بل أخافها جدًا، إلّا أن للشهرة فائدة، وربما يكون مقابلًا لها في الحقيقة، ألا وهو التأثير، فالشهير يُمكن أن يكون شخصًا مؤثرًا وقد لا يكون، وكذلك المؤثر، قد يكون شهيرًا وقد لا يكون، وشخصيًا، من خلال شانية، أبحث عن التأثير حتى وإن لم تُرافقه الشهرة، فكانت هذه واحدة من الأمور التي توضحت لي هذه الفترة، فإن بحث عن التأثير من خلال ما أقدم، فلن تهمني الشهرة إذ أنها ليست أساس البناء، وإن اختفت، لا يعني زوال التأثير بالضرورة، وربما أكتفي بالقليل خوفًا من الشهرة، أو من تبعات الشهرة، لكن لطالما لدي موقع، يُمكن أن أدفع به كرسالتي الشخصية قبل أي شيء آخر، وآمل أن أحصل على مساعدة فيه مستقبلًا ليكون تأثيره أكبر.
الشهير يُمكن أن يكون شخصًا مؤثرًا وقد لا يكون
كان هذا الأسبوع مثمرًا لحد ما، إلّا أن كل ما كان فيه تقريبًا متعلق بشعور داخلي، أمّا ما أبحث عنه تحديدًا هو الإشارات في العالم، التفاصيل الصغيرة التي في حالتي الطبيعية يُمكن أن أتجاوزها وأهملها، وقد حصلت على شيء، فهذه التفاصيل لا تظهر لشخصٍ قليل التجارب مثلي، شخص اختار أن يسير على نمط حياة مُحدد، والكثير مما يجده الناس ممتعا ومسليا لا أراه كذلك، وأشياء قليلة تثير اهتمامي وتلفت انتباهي، إلّا أن هذه الأشياء التي يشملها الحديث هي أشياء أعرفها، ولعل هذا الأمر الذي يدعو الكثيرين لتجربة متعة السفر وحدهم لأماكن غريبة، لأن مثل هذه التجارب هي التي تُجدد الحياة.
أثناء مشاهدتي لقناة Dr Nozman، وهو صانع محتوى فرنسي بمحتوى تعليمي مختصر وجميل، لفت انتباهي شيء في آخر مقاطعه التي تحدث فيها عن الخوف ضمن حلقته المخصصة للرياضات الصعبة، وذكر الشعور بأن الوقت يتباطأ في حالة الخوف الشديد، وكيف أن الدماغ من خلال اللوزة الدماغية يُحرر إحساسًا أكثر عمقًا عند تشكيل الذكريات، هذه الذكريات المشبعة بالأحاسيس القوية تعطي شعورًا بأن الوقت أطول، وذكر بعدها شيئًا ملفتا، كيف أنه في الكبر، لأن هذه النوعية من الذكريات أقل لأن التجارب الجديدة التي نخوضها تكون أقل أيضًا، فإننا نشعر أن الوقت يمر بسرعة أكبر من الصغر، حيث تكون هذه المرحلة غنية بالأحاسيس جراء عيش تجاربٍ جديدة بشكلٍ مستمر، وأعود مُجددا لنقطة السفر كمثال.
من الأكيد أنني بالروتين الذي وضعت لنفسي، وبالشكل البطيء الذي أسير فيه باتجاه أهدافي، أشعر أن الوقت يمضي بسرعة مخيفة، ومن المهم أن أبدأ في خلق تجارب جديدة بشكلٍ مستمر حتى وإن كانت بسيطة للغاية، ودون أن أنتظر الوقت أو أخطط، فقد أخذت قراري هذا بناء على حدسي، وسأجاول أن أقول نعم لكل التجارب الجديدة والأشياء الجديدة مهما كانت بسيطة، فقد تقود بشكلٍ ما لشيء أكبر.
يُمكن أن تستشعر أن الأمور تتمدد، وأنها تسير في اتجاه معاكس لما كنت أبحث عنه، فقد كنت آمل أن تتجمع الأمور في نقطة واحدة فيسهل عليّ بذلك عزلها والتركيز على بعض الأشياء بعد استبدال الشك باليقين، إلّا أن الأمور سرت بشكلٍ مختلف، ولا بأس بذلك أيضًا، فقد مكنني ذلك من معرفة بعض الأشياء التي غطيتها بقوائمي الكثيرة، وجيد أنها بعد أن استقر الماء ارتفعت للسطح، وبعدم اكتمال هذه التجربة، متأكد أن العديد من الأشياء ما زالت في القعر.
ألقاكم في تحديثٍ جديد، وسعيد أن هذه التجربة رغم بساطتها، كانت لها من البداية فائدة، وآمل أن تُساعدني بالشكل الذي أريد بعد أن أنتهي منها.